1-    التمادي في المخالفات مع التوهم أنه على باب النجاة
فمن عيوب النفس: أنه يتوهم أنه على باب نجاته يقرع الباب بفنون الأذكار والطاعات والباب مفتوح، ولكنه أغلق باب الرجوع على نفسه بكثرة المخالفات، كما أخبرني الحسن بن يحي، قال سمعت جعفر بن محمد يقول، سمعت ابن مسروق يقول: مرت رابعة بمجلس صالح المري، فقال صالح: ((من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له)). فقالت رابعة: ((الباب مفتوح وأنت تفر منه، كيف تصل إلى مقصد أخطأت الطريق منه في أول قدم)).
فكيف ينجو العبد من عيوب نفسه وهو الذي أطلق لها الشهوات، أم كيف ينجو من إتباع الهوى وهو لا ينزجر عن المخالفات؟
سمعت محمد بن أحمد بن حمدان، يقول سمعت محمد بن إسحاق الثقفي يقول: سمعت ابن أبي الدنيا يقول: قال بعض الحكماء: ((لا تطمع أن تصحو وفيك عيب، ولا تطمع أن تنجو وعليك ذنب. ومداواة هذه الحالة بما قاله السري السقطي وهو: سلوك سبيل الهدى، وطيب الغذاء، وكمال التقى.

2-    الاسترواح بظاهر التوبة دون المداومة عليها.
ومن عيوبها: إذا بكت تفرجت ثم استروحت
ومداواتها: ملازمة الكمد مع البكاء حتى لا يفزع إلى الاسترواح، فهو أن يبكي ذلاً، ولا يبكي من الحزن يستروح من بكائه، ومن بكاؤه في الحزن يزيده البكاء كمداً وحزناً.

3-    مرض النفاق الظاهر أثره في الحالات والمعاملات.
ومن عيوبها: استكشافه الضر ممن لا يملكه، و رجاؤه في النفع ممن لا يقدر عليه، واهتمامه بالرزق وقد تكفل له بالرزق.
ومداواتها: الرجوع إلى صحة الإيمان بما أخبر الله في كتابه     وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ     {يونس:107} الآية، وإلى  وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ    {هود:6}. ويصح له هذا الحال إذا نظر إلى ضعف الخلق و عجزهم، فيعلم أن كل من يكون محتاجا لا يقدر على قضاء حاجة غيره، ومن يكون عاجزاً لا يمكنه أن يصلح أسباب غيره فيسلم من هذه الخطيئة ويرجع إلى ربه بالكلية.

4-    فتر فيها مع عدم الاهتمام بالفترة.
ومن عيوبها: فتر فيها في حقوق كان يقوم بها قبل ذلك، وأتم منه عيباً من لا يهتم بتقصيره و فتره، و أكثر من ذلك عيباً من لا يرى فترته و تقصيره، ثم أكثر منه عيباً من يظن أنه متوفر مع فترته وتقصيره، وهذا من قلة شكره في وقت توفيقه للقيام بهذه الحقوق، فلما قل شكره أزيل عن مقام التوفر إلى مقام التقصير، و يستر عليه نقصانه، واستحسن قبايحه، قال الله تعالى:   أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا {فاطر:8}.
والخلاص من ذلك: [دوام] الالتجاء إلى الله تعالى، وملازمة ذكره وقراءة كتابه، والبحث عن [مطعمه] وتعظيم حرمة المسلمين، وسؤال أولياء الله الدعاء له بالرد إلى الحالة الأولى لعل الله تعالى أن يمن عليه بأن يفتح عليه سبيل خدمته وطاعته.\

5-    أن يطيع ولا يجد لطاعته لذة.
ومن عيوبها: أن يطيع ولا يجد لطاعته لذة ذلك، لشوب طاعته بالرياء، وقلة إخلاصه في ذلك، أو ترك سنة من السنن.
ومداواتها: مطالبة النفس بالإخلاص وملازمة السنة في الأفعال، [وبتصحيح] مبادئ أموره يصح له منتهاها.  

6-    رجاء الخير لنفسه في حضور المشاهد والناس يتشاءمون من حضوره.
ومن عيوبها: أن يرجو لنفسه الخير في حصول مشاهد الخير، ولو تحقق لا يسر أهل المشهد من شؤم حضوره، كما قيل لبعض السلف: كيف رأيت أهل الموقف؟ فقال: ((رأيت أقواماً لولا أي كنت معهم لرجوت الله أن يغفر لهم)) هكذا طريق أهل اليقظة.
ومداواتها: أن يعلم أن الله وإن غفر له ذنوبه فقد رآه مرتكباً على الخطايا والمخالفات يستحي من ذلك، ويسيء بنفسه الظن، كما قال الفضيل بن عياض: ((و سوأتاه منك وإن غفرت)) وذلك لتحققه بعلم الله فيه و نظره إليه.

7- دعوى الحياة بلا حركة، ودعوى الوصول بلا نهضة من وطنها.
ومن عيوبها: أنك لا تحييها حتى تميتها، أي لا تحييها للآخرة حتى تميتها عمن الدنيا، ولا تحيى بالله حتى تموت عن الأغيار، ولذلك قال يحي بن معاذ: (( من تقرب إلى الله بتلف نفسه حفظ الله عليه نفسه)) وذلك أن يمنعها عن شهواتها، ويحملها على مكارهها، فإن النفس لا تألف الحق أبداً.
ومداواتها: السهر والجوع والظمأ، وركوب مخالفة الطبع والنفس، ومنعها عن الشهوات. سمعت محمد بن ابراهيم بن الفضيل يقول: سمعت محمد بن الرومي يقول: سمعت يحي بن معاذ يقول: ((الجوع طعام به يقوي الله أبدان الصديقين)).

8-    انحراف السجية فلا تألف الحق أبداً.
ومن عيوبها: أنها لا تألف الحق أبداً، والطاعات خلاف سجيتها وطبعها، و يتولد أكثر ذلك من متابعة الهوى وإتباع الشهوات.
ومداواتها: الخروج منها بالكلية إلى ربها، كما سمعت محمد بن عبدالله الرازي يقول: سمعت أبا القاسم البصري ببغداد يقول: سئل ابن زادان عن العبد إذا خرج إلى الله على أي أصل يخرج؟ قال: ((على أن لا يعود إلى ما منه خرج وحفظ عن ملاحظة ما يبدو منه إلى الله)) فقلت: هذا حكم من خرج عن وجود، فكيف حكم من خرج عن عدم؟ فقال: وجود الحلاوة في المستأنف عوضاً من المرارة في السالف.

9-    أنها تألف الخواطر الرديئة فتستحكم عليها المخالفات.
ومن عيوبها: أنها تألف الخواطر الرديئة فتستحكم، عليها المخالفات.
ومداواتها: رد تلك الخواطر في الابتداء لئلا تستحكم، وذلك بالذكر الدائم وملازمة الخوف بالعلم أن الله يعلم ما في سرك كما يعلم الخلق ما في علانيتك فتستحي منه أن تصلح للخلق موضع نظرهم ولا تصلح موضع نظر الحق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر على قلوبكم)).
وسمعت أبا بكر الرازي يقول سمعت الحسن العلوي صاحب إبراهيم الخواص يقول سمعت إبراهيم يقول: ((أول الذنب الخطوة فإن تداركها صاحبها بالكراهية وإلا صارت وسوسة، فإن تداركها بالمجاهدة وإلا هاج منها الشهوة مع طلب الهوى فتصد العقل والعلم والبيان)).

10-    الغفلة والتواني.
ومن عيوبها: الغفلة والتواني والإصرار والتسويف وتقريب الأمل وتبعيد الأجل.
ومداواتها: ما سمعت الحسين بن يحي يقول سمعت جعفر الحلوى يقول: سئل الجنيد كيف السبيل إلى الانقطاع إلى الله؟ فقال: ((بتوبة تحل الإصرار، وخوف يزيل التسويف، ورجاء يبعث على قصد مسالك العمل، وذكر الله على اختلاف الأوقات، وإهانة النفس بقربها من الأجل وبعدها عن الأمل)). قيل: فبم يصل العبد إلى هذا؟ فقال: (( بقلب مفرد فيه توحيد مجرد)).

11-    رؤيتها نفسها.
ومن عيوبها: رؤيتها والشفقة عليها.
ومداواتها: رؤية فضل الله عليه في جميع الأحوال يسقط عنه رؤية النفس سمعت أبا بكر الرازي يقول سمعت الواسطي يقول: ((أقرب شيء إلى مقت الله رؤية النفس وأفعالها)).

12-    الاشتغال بعيوب الناس عن عيوب نفسه.
ومن عيوبها: اشتغالها بعيوب الناس عما بها من عيوب.
ومداواتها: في الأسفار والانقطاع ومحبة الصالحين والائتمار بأوامرهم واقل ما فيه إذا لم يعمل في مداواة عيوب نفسه أن يسكت عن عيوب الناس ويعذرهم فيها، ويستر عليهم خزاياهم، رجاء أن يصلح الله بذلك عيوبه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ستر على أخيه المسلم، ستر الله عورته، ومن تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته حتى يفضحه في جوف بيته)) سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت زادان المدايني يقول))رأيت أقواماً من الناس لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فستر الله عيوبهم، وزالت عنهم تلك العيوب، ورأيت أقواماً لم تكن لهم عيوب اشتغلوا بعيوب الناس فصارت لهم عيوب)).

13-    الاشتغال بتزيين الظواهر.
ومن عيوبها: الاشتغال بتزيين الظواهر والتخشع من غير خشوع، والتعبد من غير حضور.
ومداواتها: الاشتغال بحفظ الأسرار ليزين أنوار باطنه أفعال ظاهره فيكون مزيناً من غير زينة، مهيباً من غير تبع، عزيزاً من غير عشيرة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أصلح سريرته أصلح الله علانيته)).  

---

14-    طلب العوض على أعمالها.
ومداواتها: رؤية تقصيره في عمله وقلة إخلاصه، فإن الكيس في علمه من اعرض عن طلب [الأعواض] أدباً وتورعاً عنه، صرفا عالماً بأن الذي قدر له يأتيه دنيا وآخرة، وأن الذي عليه لا يخرجه منه الإخلاص.

15-    فقدان لذة الطاعة.
وذلك من سقم القلب وخيانة السر.
ومداواتها: أكل الحلال ومداومة الذكر، وخدمة الصالحين والدنو منهم والتضرع إلى الله تعالى في ذلك ليمُنَ الله على قلبه بالصحبة بزوال ظلمات الأسقام، فيجد عند [ذلك] لذة الطاعة.

---

16-    الكسل.
ومن عيوبها: الكسل وهو ميراث الشبع، فإن النفس إذا شبعت قويت، فإذا قويت أخذت بحظها، وغلبت القلب بوصولها إلى حظها.
ومداواتها: التجويع فإنها إذا جاعت عدمت حظها وضعفت، فغلب عليها القلب، فإذا غلب عليها حملها على الطاعة وأسقط عنها الكسل ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب بن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولابد ثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس)).
 

17-    طلب الرئاسة بالعلم والتكبر.
ومن عيوبها: طلب الرئاسة بالعلم والتكبر، والافتخار به، والمباهاة على أبناء جنسه.
ومداواتها: رؤية مِنَة الله عليه في أن جعله وعاء لأحكامه، ورؤية تقصير شكره ن نعمة الله عليه بالعلم والحكمة، والتزام التواضع والانكسار، والشفقة على الخلق والنصيحة لهم، فإنه روي عن الني صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده في النار)). ولذلك قال بعض السلف: من ازداد علماً فليزدد خشية، فإن الله تعالى يقول:   إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء   {فاطر:28} وقال رجل للشعبي: أيها العالم: فقال: (( إنما العالم من يخشى الله )).

18-    كثرة الكلام.
ومن عيوبها: كثرة الكلام وإنما يتولد ذلك من شيئين إما طلبه رياسة، يريد أن يرى الناس علمه وفصاحته، أو قلة العلم بما يجلب عليه الكلام.
ومداواتها: تحقيقه بأنه مأخوذ بما يتكلم به، وأنه مكتوب عليه ومسئول عنه، لأن الله تعالى يقول: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ  كِرَامًا كَاتِبِينَ    {الانفطار}10,11}.
وقال تعالى:  مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ    {ق:18} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( البلاء مُوكلٌ بالمنطقِ)) وقال: (( وهل يَكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) وقال عليه السلام: ((كلام ابن آدم عليه لا له إلا ما أمر بمعروف أو نهي عن منكر))، قال تعالى:  لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا   {النساء:114}.

---

19-    تجاوز الحق في الرضى والغضب.
ومن عيوبها: أنها إذا رضيت مدحت الراضي عنه فوق الحد، وإذا غضبت ذمته وتجاوزت الحد.
ومداواتها: رياضة النفس على الصدق والحق حتى لا تتعدى في مدح من رضي عنه، و لا ذم من سخط عليهن فغن أكثر ذلك من قلة المبالاة بالأوامر والنواهي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( أحثوا في وجوه المداحين التراب )).

20-    تسخطها فيما يختار الله لها مع استخارتها الله جل جلاله.
ومن عيوبها: أناه تستخير الله تعالى في أفعالها ثم تسخط فيما يختار لها.
ومداواتها: أن يعلم أنه يعلم من الأشياء ظواهرها، والله يعلم سواءً علنها وحقائقها، فإن حسن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه فيما اختاره لنفسه حالاً، ويعلم انه مدبر لا مدبر سواه، وان سخطه للقضاء لا يغر [ المقضي] فيلزم نفسه طريق الرضا بالقضاء و يستريح.

21-    ومن عيوبها: كثرة التمني، والتمني هو الاعتراض على الله تعالى في قضائه وقدره.
ومداواتها: أن يعلم أنه لا يدري ما يعقب التمني أيجره إلى خير أم شر، إلى ما يرضيه أو ما يسخطه، فإذا أيقن اتهام عاقبة تمنيه أسقط عن نفسه ذلك ورجع إلى الرضا و التسليم فيستريح، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يتمَنَينَ أحدكم الموت لضر نزل به، وليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته)).
 

22-    الخوض في حديث الدنيا وأهلها.
ومن عيوبها: محبتها الخوض في أسباب الدنيا وحديثها.
ومداواتها: الاشتغال بالفكر الدائم في كل أوقاته، يشغله ذلك عن ذكر الدنيا وأهلها والخوض فيما هم فيه، ويعلم أن ذلك مما لا يعنيه فيتركه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه)).

23-    إظهار الطاعات والتزين بها، وحب أن يعلم الناس ذلك منه.
ومن عيوبها:إظهار طاعاتها ومحبة أن يعلم الناس منه ذلك أو يروه، والتزين بذلك عندهم.
ومداواتها: أن يعلم أنه ليس إلى الخلق نفعه ولا ضره، ويجتهد في مطالبة نفسه بالإخلاص في أعماله ليزيل عنه هذا العيب، فإن الله تعالى يقول:  وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء {البينة:5}، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول حاكياً عن ربه عز وجل أنه قال: ((من عمل عملاً أشرك فيه غيري فأنا منه برئ وهو للذي أشرك)).

24-    الطمع.
ومن عيوبها:الطمع.
ومداواتها: أن يعلم أن طمعه يدخله في الرياء وينسيه حلاوة العبادة، ويصيره عبد العبيد بعد أن جعله الله حراً من عبوديتهم، وتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من الطمع فقال: ((أعوذ بك من طمع يجر إلى طمع، ومن طمع في غير مطمع))، وهو الطمع الذي يطبع على قلبه فيرغبه في الدنيا ويزهده في الآخرة، و روي عن بعض السلف أنه قال: الطمع هو الفقر الحاضر، والغني الطامع فقير، والفقير المتعفف غني، والطمع هو الذي يقطع الرقاب وأنشد:

أيطمع في ليلى بوصل وإنما           يقطع أعناق الرجال المطامع.

---

25-    الحرص على عمارة الدنيا والتكثر منها.
ومن عيوبها حرصها على عمارة الدنيا والتكثر منها.
ومداواتها: أن يعلم أن الدنيا ليست بدار قرار، وإن الآخرة دار مقر، والعاقل من يعمل لدار قراره لا لمراحل سفره، فإن المراحل تنقطع بالمقام في السفر فيعمل إلى ما إليه مآبه، قال الله تعالى:  اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ    {حديد:20} ولأن الله تعالى يقول:  وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى  {النساء: 77}،  وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ    {الأعراف:169}    ,  وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ   {الزخرف:35}،    وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى  {الأعلى :17},   وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى  {الضحى:4}.

26-    استحسان أفعالها واستقباح أفعال غيرها.
ومن عيوبها: استحسان ما ترتكب من الأمور، واستقباح أفعال من يرتكبها أو يخالفه.
ومداواتها: اتهام النفس لأنها أمارة بالسوء وحسن الظن بالخلق لإمبهام العواقب.

27-    الشفقة عليها.
ومن عيوبها الشفقة على النفس والقيام بتعهدها ومداواتها الإعراض عنها، وقلة الاشتغال بها، ولذلك سمعت جدي رحمة الله عليه يقول: ((من كرمت عنده نفسه هان عليه دينه)).

28-    الاندفاع للمدافعة عن النفس.
ومن عيوبها: الانتقام لها والخصومة عنها والغضب لها.
ومداواتها: عداوتها وبغضها، ومحبة الدين والغضب لارتكاب المناهي، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك محارم الله فكان ينتقم.

29-    الاهتمام بإكرام الناس له، لا بإكرام الله.
ومن عيوبها: اشتغالها بالإصلاح الظاهر وزينة الناس، وغفلته عن إصلاح الباطن الذي هو موضع نظر الله عز وجل.
ومداواتها: أي يتيقن أن الخلق لا يكرمونه إلا بمقدار ما جعل الله له في قلوبهم ويعلم أن باطنه موضع نظر الله فهو أولى بالإصلاح من الظاهر الذي هو موضع نظر الخلق، قال الله تعالى:   إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء:1} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم)).

30-    الاهتمام بالرزق.
ومن عيوبها: اهتمامها بالرزق وقد ضمن الله ذلك، وقلة اهتمامها بعمل افترضه الله عليه لا يقوم عنه غيره.
ومداواتها: أن يعلم أن الله الذي خلقه ضمن له كفاية رزقه، فقال عز وجل:  اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ  { الروم:40} كما [لا يشرك] في الخلق[لا يشرك] في الرزق. سمعت محمد بن عبد الله يقول سمعت محمد بن عبيد يقول: (( يحكى عن حاتم الأصم أنه قال: ما من صباح إلا والشيطان يقول: ما تأكل اليوم وما تلبس وأين تسكن؟ وأقول له: آكل الموت وألبس الكفن وأسكن القبر)).

31-    الاهتمام بإرشاد الناس بدقائق التوجيه مع إهمال نفسه.
ومن عيوبها: حبها للكلام على الناس والخوض في [دقائق] العلوم [ليصفو به القلوب من الأغيار] ويصرف بحسن كلامه وجوه الناس إليه.
ومداواتها: الهمل بما يعلم، وأن يعظ الناس بفعله لا بقوله كما رُوي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى عيسى عليه السلام: ((إذا أردت أن تعظ الناس فعظ نفسك، فإذا اتعظت وإلا فاستحي مني)). وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مررت ليلة الإسراء بقوم تُقرَضُ شِفاهم بمقاريض من نار، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الخطباء من أمتك يأمرون الناس وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون)).

32-    [التمادي في] الذنوب.
ومن عيوبها: كثرة الذنوب والمخالفات إلى أن يقسى القلب.
ومداواتها: كثرة الاستغفار والتوبة في كل نفس، ومداومة الصيام، والتهجد بالليل وخدمة أهل الخير، ومجالسة الصالحين، وحضور مجالس الذكر، فإن رجلاً شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال: ((أدنه من مجالس الذكر))، وقال: (( إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة)) قال: (( إن العبد إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب واستغفر الله ذهبت، فإن أذنب ثانياً نكت في قلبه نكتة أخرى إلى أن يصير القلب غيثاً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً)) ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم:  كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ    {المطففين:14].

33-    الفرح والسرور وطلب الراحة.
ومن عيوبها: سرورها [ وفرحها] وطلبها الراحة وتلك من نتائج الغفلة.
ومداواتها: التيقظ لما بين يديها وعلمها بتقصيرها فيما أمر به، وارتكابها ما نهى عنه، وأن هذه الدار له سجن لا سرور ولا راحة في السجن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)) فيجب أن يكون عيشه فيها عيش المسجونين لا عيش المستروحين، وحكي عن داود الطائي أنه قال: قطع نياط قلوب العارفين أحد الخلودين. وقال رجل لبشر الحافي: مالي أراك مهموماً؟ قال: لأني مطلوبه.

34-    إتباعها هواها.
ومن عيوبها: إتباعها هواها وموافقة رضاها وارتكاب مراداتها.
ومداواتها: ما أمر الله به من قوله تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى  {النازعات:40} وقوله   إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ{يوسف:53} وما روى مطر الداري أنه قال: لنحت الجبال بالأظافر أهون من زوال الهوى إذا تمكن من النفس

35-    الميل إلى معاشرة الإخوان.
ومن عيوبها: ميلها إلى معاشرة الأقران وصحبة الإخوان.
ومداواتها: أن يعلم أن الصاحب له مفارق، والمعاشرة منقطعة كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال له جبريل عليه السلام ((عش ما عشت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزى به)).
وقال أبو القاسم الحكيم: الصداقة عداوة إلا ما صفيت، وجمع المال حسرة إلا ما واسيت، والمخالطة تخليط إلا ما داويت.

---

36-    أنسها بطاعتها واستحسانها لها.
ومن عيوبها: أنسها بطاعتها ورؤية استحسانها.
ومداواتها: أن تعلم أفعالها وإن أخلصتها فهي معلومة بأن أفعالها لا تخلو من العلل ويعمل في إسقاط رؤية استحسانه من أفعالها.

37-    إماتة النفس عن الطاعات بإتباع الشهوات.
ومن عيوبها: إماتتها النفس بإتباع الهوى والشهوات، فإن النفس إذا مكنت من ذلك ماتت عن الطاعات والموافقات.
ومداواتها: منعها من مراداتها وحملها على المكاره ومخالفتها فيما تطلب فإن ذلك الذي يميت عنها شهواتها. قيل لأبي حفص: بما يستجلب صلاح النفس؟ قال: مخالفتها لأنها موضع كل آفة.

38-    الأمن من مكر الشيطان.
ومن عيوبها: أن تأمن من مكر الشيطان وتسويله ومكره.
ومداواتها: تصحيح العبودية بشرائطه والتضرع إلى الله في أن يمن عليه بذلك لأن الله تعالى يقول:  إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ {الحجر:42}

---

39-    الترسم برسم الصلاح من غير مطالبة بالإخلاص فيه.
ومن عيوبها: الترسم برسم الصلاح من غير مطالبة القلب بالإخلاص فيما ترسم به من الصلاح.
ومداواتها: ترك الخشوع الظاهر إلا بقدر ما يرى، من خشوع الباطن في قلبه وسره لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((المتشبع بما لم يعط كلابس ثوب زور)).

40-    عدم الاعتبار بإمهال الله إياه.
ومن عيوبها: عدم الاعتبار بما يراه من إمهال الله إياه في ذنوبه.
ومداواتها: دوام الخشية، وأن يعلم أن ذلك الإمهال ليس بإهمال فإن الله تعالى مسائله عن ذلك ومجازيه عن ذلك لعلها إلا أن  يرحمه الله، فإن الاعتبار لأهل الخشية، لأن الله تعالى يقول: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى   {النازعات:26}.
قال القائل:
غرها إمهال خالقها لها      لا تحسبن إمهالها إهمالها.

41- حب إفشاء عيوب الإخوان والأصحاب.
ومن عيوبها: محبتها لإفشاء عيوب إخوانه وأصحابه.
ومداواتها: أن يرجع في ذلك إلى نفسه فيحب للناس ما يحب لنفسه، وما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته)).

---

42- عدم مراقبة حاله في الزيادة والنقص.
ومن عيوبها: ترك الاستزادة في نفسه في أفعاله وأقواله عن الاقتداء بالسلف فإن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((من لم يكن في زيادة فهو في نقصان)).


المحاضرات في اللغة و الأدب  اليوسي  
ورجل له أصل وقديم شرفٍ ثم لم يبنه ولم يجدده، وهو إما أن تخفى عوامله فلم يبن ولم يهدم، مع أنه بالحقيقة من لم يكن في زيادة فهو في نقصان، والمراد أن يرجع إلى غمار الناس فلا يحدد المآثر، ولا يخرج إلى المعايب، فهذا لا فضيلة له إلاّ مجرد النسب والفخر العظاميّ كما مر، وإما أن يهدمه بملابسة ضد ما كان أولاً، فهذا بمنزلة من هدم الدار ثم حفر البقعة أيضاً فأفسدها، فهذا مذموم بما جنى على نفسه وبما جنى على حسبه ونسبه والذروة العليا في هذا الصنف اليهود والنصارى ونحوهم، فقد هدموا أنسابهم وأحسابهم بشر الخصال، وهو الكفر، نسأل الله العافية.

43- تحقير المسلمين، والتكبر عليهم.
ومن عيوبها: تحقير المسلمين والترفع والتكبر عليهم.
ومداواتها: الرجوع إلى التواضع واعتماد حرمة المسلمين فإن الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ   {آل عمران:159} فيعلم أن الكبر هو الذي أوقع فيه حتي قال: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ. و النبي   نظر إلى الكعبة فقال: (( ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك، إن الله حرم منك واحدة، ومن المؤمن ثلاثاً: دمه، وماله، وأن يظن به ظن السوء)).

44- التكاسل وعدم الاهتمام بالأوامر الشرعية.
ومن عيوبها: الكسل والقعود عن الأمر.
ومداواتها: أنه يعلم أنه مأمور من جهة الحق ليحمله فرح ذلك على النشاط، ولذلك سمعت جدي إسماعيل بن مجيد رحمه الله تعالى يقول: التهاون بالأمر من قلة المعرفة بالآمر.

45- التزيي بزي الصالحين دون أن يعمل بأعمالهم.
ومن عيوبها: أن تتزين بزي الصالحين فتعمل عمل أهل الفساد.
ومداواتها: ترك زينة الظاهر إلا بعد إصلاح الباطن، فإن تزين بزينة قوم اجتهد في أن يوافقهم في أخلاقهم وأفعالهم كلها أو بعضها لأنه روى في الخبر أنه قال: كفى المرء شراً أن يُري الناس أنه يخشى الله وقلبه فاجر.
وقال أبو عثمان: زينة الظاهر مع فجور يورث الإصرار.

46- تضييع الأوقات فيما لا يعنيه.
ومن عيوبها: تضييع الأوقات بالاشتغال بما لا يعنيه من أمور الدنيا والخوض فيها مع أهلها.
ومداواتها: أن يعلم أن وقته أعز الأشياء عليه، فيشغله بأعز الأشياء وهو ذكر الله والمداومة على طاعته، ومطالبته الإخلاص من نفسه، فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه)). ومن ترك ما لا يعنيه اشتغل بما يعنيه، وقال الحسن: عليك بنفسك إن لم تشغلها أشغلتك.

47- الغضب.
ومن عيوبها: حمل النفس على الرضا بالقضاء فإن الغضب جمرة من الشيطان، ولأن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أوصِني، فقال: ((لا تغضب)) ولأن الغضب يخرِجُ العبد إلى حد الهلاك إذا لم يصحبه من الله تعالى زجر ومنع.

48- الكذب.
ومن عيوبها: الكذب.
ومداواتها: ترك الاشتغال برضا الخلق وسخطهم، فإن الذي يحمل صاحب الكذب على الكذب طلب رضا الناس أو التزين لهم وطلب الجاه عندهم، فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( الصدق يهدي إلى البر، والكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار)).

49- الشح والبخل.
ومن عيوبها: الشح والبخل وهما نتائج حب الدنيا.
ومداواتها: أن يعلم أن الدنيا قليلة وأنها فانية، وأن حلالها حساب وحرامها عذاب، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((حُبُ الدنيا رأس كل خطيئة)) وأن الله تعالى أخبر عنها أنها متاع الغرور فلا يبخل بها ولا يشح ويجتهد في بذلها، و لا يمسك منها إلا مقدار ما يدافع به وقته فإنه صلى الله عليه وسلم قال لبلال: ((ولا تَخشَ من ذي العرش إقلالاً)).

50- طول الأمل.
ومن عيوبها: بعد أملها.
ومداواتها: تقريب الأجل ويعلم أن بعض السلف قال: أحسب الله لا يُؤمن على حال [فاحذر] الأحوال كلها.

51- الاغترار بمدح الناس.
ومن عيوبها: الاغترار بالمدائح الباطلة.
ومداواتها: أن لا يغره كلام الناس مع ما يعرفه بنفسه، فإن حقيقة الأمر يخلص إليه دونهم وأن ثناءهم عليه دون ما يعرفه الله منه ويعرفه هو من نفسه لا ينجيه فلِمَ [يغتر] به.

52- الحرص.
ومن عيوبها: الحرص.
ومداواتها: أن يعلم أنه لا يستجلب بحرصه زيادة ما قدر الله من رزقه كما روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول للملك: ((اكتب رزقه وأجله وعمله، وشقي أم سعيد))، والله تعالى يقول:  مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ  {ق:29}.

53- الحسد.
ومن عيوبها: الحسد.
ومداواتها: أن يعلم الحسد عدو نعمة الله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحاسدوا)) ونتيجة الحسد من قلة الشفقة على المسلمين.

54- الإصرار على الذنب مع تمني الرحمة.
ومن عيوبها: الإصرار على الذنب مع تمني الرحمة ورجاء المغفرة.
ومداواتها: أن يعلم أن الله أوجب مغفرته لمن لا يصر على الذنب حيث قال: وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ  {آل عمران:135} وقال أبو الضعض: الإصرار على الذنب من التهاون بقدر الله، ويعلم أن الله تعالى أوجب الرحمة للمحسنين، وأوجب المغفرة للتائبين حيث قال:  اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ  {هود:52}  وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى  {طه:82}.

55- عدم الاستجابة إلى طاعة الله طوعاً.
ومن عيوبها: لا تجيب إلى طاعة الله طوعاً.
ومداواتها: بالجوع والعطش، والتقطع بالأسفار، والحمل على المكاره، ولذلك سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت عمي البسطامي يقول: سمعت أبي يقول: قال رجل لأبي يزيد البسطامي: ما أشد ما لقيت في سبيل الله؟ فقال: لا يمكن وصفه، فقال: ما أهون ما لقيت من نفسك في سبيل الله؟ فقال: أما هذا فنعمن دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني طوعاً فمنعتها سنة كاملة.

56- حرصها على الجمع والمنع.
ومن عيوبها: حرصها على الجمع والمنع.
ومداواتها: أن يعلم انبهام عمره، وقرب أجله فيجمع على قدر نفسه ويمنع بقدر حياته، فمن لا يأمن على حصول التباعة على نفسه، جهل، مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أيكم مالُ وارثه أحبُ إليه من ماله؟ فقالوا: ليس منَا أحدٌ إلا وماله أحب إليه من مال وارثه، فقال: مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت)).

57- صحبة المخالفين.
ومن عيوبها: صحبتها مع المخالفين والمعارضين عن الحق.
ومداواتها: الرجوع إلى صحبة الموافقين والمقبولين عند الله تعالى فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من تشبه بقوم فهو منهم))، وقال بعض السلف: صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، وقال بعضهم: القلوب إذا بعدت عن الله مقتت القائمين بحق الله.

58- الغفلة.
ومن عيوبها: الغفلة.
ومداواتها: أن يعلم أنه ليس بمغفول عنه وان الله تعالى يقول: وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ  {هود:123}، ويعلم أنه محاسب على الخطرة والهمة، ومن تحقق هذا فراقب أوقاته وراعى أحواله فيزول عنه بذلك عيب الغفلة.

59- اختيار البطالة بإظهار التوكل تلبيساً على الناس.
ومن عيوبها: ترك الكسب والقعود عنه إظهارً للخلق أنه قعد متوكلاً ثم [يتشرف] للإرفاق و يتسخط إذا لم يأته الإرفاق.
ومداواتها: أن [يلتزم] الكسب – كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أطيَبُ ما أَكَلَ الرجل من كسبه)) ظاهراً- و[يتوكل] باطناً ليكون مكتسباً مع الخلق في الظاهر ومتوكلاً على الله في الباطن.

60- الفرار من إتباع العلم إلى الدعاوي والأحوال.
ومن عيوبها: الفرار بما يوجبه عليه ظاهر العلم إلى الدعاوي والأحوال.
ومداواتها: ملازمتها العلم فإن الله تعالى يقول: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ  {النساء:59} وقال:   وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ {المائدة:92}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((طلبُ العلمِ فريضةٌ على كل مسلم)).

61- استعظام ما تعطي والافتتان به.
ومن عيوبها: استعظام ما تعطي وما تبذل [والافتتان] به على من يأخذ.
ومداواتها: أن يعلم أنه يوصل إليهم أرزاقهم وأن الرزاق والمعطي في الحقيقة هو الله، وأنه واسطة، ولا يتعاظم في إيصال حق إلى مستحق.

62- إظهار الفاقة مع الكفاية.
ومن عيوبها: إظهار الفقر مع الكفاية.
ومداواتها: إظهار الكفاية مع القلة، سمعت جدي رحمه الله تعالى يقول: كان الناس يدخلون في التصوف أغنياء ويفتقرون ويظهرون الغنى، في هذا الوقت يدخلون في التصوف فقراء ويستغنون ثم يظهرون للناس الفقر.

63- رؤية فضله على إخوانه وأقرانه.
ومن عيوبها: رؤية فضله على إخوانه وأقرانه.
ومداواتها: العلم بنفسه ولا أعلم به منه وحسن الظن بأقرانه ليحمله ذلك على احتقار نفسه، ورؤية فضل إخوانه وأقرانه ولا يصح له ذلك إلا بعد أن ينظر إلى الخلق [أجمع] بعين الزيادة وينظر إلى نفسه بعين النقصان، كذلك سمعت جدي يقول: سمعت أبا عبد الله السجزي يقول: لك فضل ما لم تر فضلك، فإذا رأيت فضلك فلا فضل لك.

64- حمل النفس ما يستجلب لها الفرح.
ومن عيوبها: حمل النفس ما يستجلب لها الفرح.
ومداواتها: أن الله يبغض الفرحين لقوله تعالى:  إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ  {القصص:76} وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان دائم الأحزان متواصل الفكر وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب كل قلب حزين)) وقال مالك بن دينار: إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب كما أن البيت إذا لم يسكن خرب.

65- جهلها بنعم باريها.
ومن عيوبها: أن يكون في محل الشكر وهو يظن أنه في مقام الصبر.
ومداواتها: رؤية نعم الله في جميع الأحوال، سمعت سعيد بن عبد الله يقول: سمعت عمي يقول: سمعت أبا عثمان يقول: الخلق كلهم مع الله تعالى في مقام الشكر ويظنون أنهم معه في مقام الصبر.

66-تناول الرخص بالشبهات.
ومن عيوبها: تناول [ الرخص] بالشبهات.
ومداواتها: اجتناب الشبهات وأنها تؤدي إلى فعل الحرام، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات، فمن اجتنبهن فهو أسلم لِدينهِ وعِرضهِ، ومن واقعهن وقع في الحرام، كالراعي حول الحمى يوشك أن يخالط الحما، ألا وإنَ لكل ملكٍ حما، وإن حِما الله محارمه)).

67- الإفضاء عليها في العثرات.
ومن عيوبها: الإفضاء على نفسه في عثرة تقع به أو زلة وأمثالها. كذلك سمعت عبد الله بن محمد الرازي يقول: سمعت أبا عثمان يقول: عامة المريدين من إفضائهم مع [عثرة] تقع لهم، أو هفوة، وترك مداواتها في الوقت بدواية حتى تعتاد النفس ذلك فتسقط من درجة [الإدارة].

68- الاغترار بالكرامات.
ومن عيوبها: الاغترار بالكرامات.
ومداواتها: أن يعلم أن أكثرها اغترارات واستدراج، والله تعالى يقول: وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ  {الأعراف:182} وقد قال بعض السلف: ألطف ما يخادع به الأولياء الكرامات والمعونات.

69- حب مجالسة الأغنياء.
ومن عيوبها: محبة مجالسة الأغنياء وميله إليهم وإقباله عليهم [وإكرامه] لهم.
ومداواتها: مجالسة الفقراء والعلم بأنه لا يصل إليه مما في أيديهم إلا مقدار ما قدره الله له فيقطع الطمع منهم فيسقط ذلك محبتهم والميل إليهم، ويعلم أن الله عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم في مجالسة [الأغنياء] فقال: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى 5 فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى 6وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى 7 وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى 8 وَهُوَ يَخْشَى 9فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى {عبس:5-10].